دراسة متعمقة حول أنواع المدارس في الفكر الاقتصادي

مدارس الفكر الاقتصادي

تشير مدارس الفكر الاقتصادي إلى مجموعة من الأفكار والمفاهيم التي اعتمدها عدد من الاقتصاديين الذين يشتركون في وجهات نظر حول كيفية عمل الاقتصاد.

ما هي الأسباب وراء اختلاف وجهات نظر الاقتصاديين؟ ولماذا ظهرت مدارس اقتصادية متعددة؟

يشتمل علم الاقتصاد على مجموعة من البيانات، مما يؤدي إلى تباين في تحليلها بين الاقتصاديين. وفيما يلي أهم أسباب هذا الاختلاف:

  • يميل بعض الاقتصاديين إلى إعطاء وزن أكبر لعوامل معينة.
  • قد يخطئ البعض في تحليل البيانات أو تفسيرها بشكل دقيق.
  • قد يعتمد آخرون على معادلات معينة للتنبؤ بالظروف الاقتصادية، مما قد يؤدي إلى استبعاد عناصر أخرى من البيانات.
  • يستند بعض الاقتصاديين إلى تحليل شامل يجمع كل البيانات الاقتصادية ذات الصلة.

المدارس الرئيسية في الاقتصاد

نستعرض أدناه بعضاً من أبرز المدارس والمذاهب الرئيسية في الاقتصاد:

المذهب التجاري

يمثل المذهب التجاري فلسفة اقتصادية اعتمد عليها التجار وصانعو القرار في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وينظر أتباع هذا المذهب إلى أن ثراء الأمم ينبع من تراكم المعادن الثمينة، كذهب وفضة. وبسبب ذلك، تسعى الدول التي تفتقر إلى المناجم إلى تحقيق توازن تجاري إيجابي من خلال تصدير سلع أكثر مما تستورد، مما دفع العديد من الدول الأوروبية لتقليص الواردات ورفع التعريفات الجمركية.

الفيزوقراطية

تقترح الفيزوقراطية وجود نظام اقتصادي طبيعي يتمكن فيه الناس من الازدهار بدون تدخل حكومي. وقد وضع الفيلسوف الاقتصادي “فرانوا” مبادئ هذه المدرسة في كتابه المسمى “طاولة اقتصادية”، حيث تابع فيه تدفق الأموال والسلع عبر النظام الاقتصادي.

وصف “فرانوا” هذا التدفق بأنه دائري ومستدام ذاتياً، وقسم المجتمع إلى ثلاث طبقات رئيسية كما يلي:

  • الطبقة الأولى: الطبقة المنتجة وتتكون من العاملين في الزراعة وصيد الأسماك، وتشكل نصف السكان.
  • الطبقة الثانية: طبقة الملاك، وتعكس مالكي الأراضي ومن يدعمهم، وعددهم ربع السكان.
  • الطبقة الثالثة: طبقة الحرفيين، الذين يمثلون باقي السكان.

اتفقت الفيزوقراطية مع المذهب التجاري في أهمية الطبقة الزراعية ولكن اعتبرت أن الصناعة مجرد وسيلة لتحويل إنتاج الطبقة الزراعية.

المدرسة الكلاسيكية

ظهرت المدرسة الكلاسيكية في أواخر القرن الثامن عشر حتى أواخر القرن التاسع عشر، متأثرة بالمذهب التجاري والفيزوقراطي. ساهم كل من فيزيوقراطيين فرنسيين ومعلمين إسبان في وضع أسس هذه المدرسة، لكن آدم سميث كان له الدور البارز في صياغة مبادئها من خلال كتابه “تحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم” عام 1776. اعتبر سميث أن التجارة الحرة والمنافسة هي أفضل وسيلة لضمان نمو الاقتصاد، كما عارض الفكرة التجارية والتدخل الحكومي السائد في تلك الفترة.

المدرسة الهامشية (النيوكلاسيكية)

تأسست المدرسة الهامشية في القرن التاسع عشر على يد ويليام جيفونز، وليون والراس، وكنوت ويكسل، وكارل مينجر. ترى هذه المدرسة أن القرار الاقتصادي يُتخذ في “الهامش”، أي عند إضافة وحدة إنتاج جديدة. وقد أثرت أفكار الهامشيين على فهم العرض والطلب، ونظرية القيمة، وغير ذلك من المواضيع المرتبطة باتخاذ القرارات في السوق.

المدرسة الماركسية

وضع المبادئ الأساسية لهذه المدرسة المفكر كارل ماركس، الذي قدم نظرية العمل للقيمة، التي تشير إلى أن قيمة السلع تتحدد بناءً على الوقت المستغرق لإنتاجها. ويرى ماركس أن العمال لا يتقاضون الأجر الكامل لمساهمتهم، بل يتلقون أجراً يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وهو ما يُعرف بالعمل الضروري.

المدرسة المؤسسية

ازدهرت هذه المدرسة في الولايات المتحدة خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، مع التركيز على تطور المؤسسات الاقتصادية كجزء من عملية أكبر للتنمية الثقافية. مؤسس هذه المدرسة هو عالم الاقتصاد والاجتماع الأمريكي ثورستين فيبلين، الذي نقد النظرية الاقتصادية التقليدية الثابتة.

قدم فيبلين فكرة أن التغيرات في المؤسسات والعادات تؤثر على الاقتصاد أكثر من مجرد كون البشر صانعي القرارات. من منظور فيبلين، يعتبر الدافع المالي العنصر الرئيسي في الاقتصاد الأمريكي بدلاً من التكنولوجيا، حيث اعتقد أن كسب المال هو الهدف الأساسي للمشاريع التجارية بدلاً من إنتاج السلع.

المدرسة الكينزية

في عام 1936، قام جون ماينارد كينز بفصل نفسه عن المدرسة الكلاسيكية كاستجابة للكساد الكبير، من خلال نشره “النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقود”. تقوم وجهة النظر الكلاسيكية على أساس أن الأجور والأسعار يجب أن تنخفض خلال فترات الركود، لكن كينز اعتبر أن انخفاض الأسعار والأجور سيؤدي إلى تراجع الدخل وبالتالي تراجع الإنفاق، مشددًا على ضرورة التدخل الحكومي لزيادة إجمالي الإنفاق.

يركز المبدأ الكينزي على الطلب الكلي، حيث يرى أن الشركات لا تنتج إلا عندما تتوقع بيع منتجاتها. ويحدد توافر عوامل الإنتاج الناتج المحلي الإجمالي المتوقع، مما يجعل كمية السلع والخدمات المرتبطة بالناتج المحلي تعتمد بشكل كبير على مستوى الطلب.

Scroll to Top