تاريخ حقوق الإنسان عبر الزمن

حقوق الإنسان

في اللغة، يُعرَّف الحق كضدٍ للباطل، ويشير إلى الثبوت، والتأكيد، والوجود، واللزوم. هذه الكلمة تعبر عن صحة وصدق قضية معينة. يُقال إن شيئاً “حَقَّ” عندما يثبت، ويُستخدم المصطلح للدلالة على قول الصدق. ومن الناحية الاصطلاحية، يُعرَّف الحق بأنه قدرة الشخص على ممارسة نشاط معين يُمكنه القانون من القيام به وضمان حمايته. تُعرف حقوق الإنسان بأنها مجموعة حقوق يجب تحقيقها لجميع البشر على قدم المساواة وبدون أي تمييز. تشمل هذه الحقوق الحقوق المرتبطة بالطبيعة البشرية، مثل حق الفرد في المساواة، والحياة، والكرامة.

تاريخ حقوق الإنسان

تعود جذور فكرة حقوق الإنسان إلى بداية تكوين المجتمعات البشرية، وقد تطورت هذه الفكرة عبر العصور والمجتمعات حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. وفيما يلي عرض لتاريخ حقوق الإنسان والتطورات التي شهدتها.

حقوق الإنسان في العصور القديمة

ظهرت فكرة حقوق الإنسان لأول مرة بصورتها الأولية في العصور القديمة، عندما تم تطبيق قواعد عرفية تهدف إلى حماية بعض الحقوق الأساسية للإنسان وصيانة كرامته، وتقليل العنف لتحقيق حياة أفضل. على مر الزمن، تطورت ضمانات حقوق الإنسان من مجرد قواعد عرفية إلى نصوص قانونية وضعتها الدولة. يُعتبر العراق القديم من الدول الأولى التي أدركت أهمية حياة الإنسان العادلة، حيث اعتمدت نظاماً يركّز على التعاون والمشاركة. رغم أن مفهوم حقوق الإنسان الحديث لم يكن متداولاً آنذاك، إلا أن المجتمعات كانت تعكس تفاعلاً إنسانياً أكثر رقيًّا.

تسجل القوانين الأولى التي وضعت في العراق القديم بداية هذا النظام، بما في ذلك:

  • قانون أورنامو: أصدره الملك السومري (أور نمو) في فترة 2003-2111 ق.م، ويُعتبر من أقدم القوانين المكتوبة، حيث تضمَّن نصوصًا تتعلق بحقوق الإنسان والتأكيد على العدالة والحرية، وكذلك تحريم المساس بجسم الإنسان.
  • قانون لبث عشتار: يعود إلى الفترة البابلية القديمة، وقد تم العثور عليه في أوائل القرن العشرين. هذا القانون دعى إلى نشر العدالة وحماية الحريات، بما في ذلك حماية حقوق العبيد.
  • قانون حمورابي: صدر عن الملك البابلي (حمورابي) ويُعتبر من أكثر القوانين تفصيلاً في حقوق الإنسان، حيث ضمَّ مواداً تخص حقوق الملكية والأمن، بالإضافة إلى حقوق الأفراد وتحقيق العدالة.

حقوق الإنسان في العصور الوسطى

في العصور الوسطى، تجسد حقوق الإنسان في مجموعة من القوانين والمواثيق التي أصدرتها دول غربية، كان من أبرزها ميثاق العهد الأعظم (الماجنا كارتا) عام 1215م. هذا الميثاق وضع قيودًا على سلطات الملك المستبد (جون) وإقرارًا بمجموعة من الحقوق الأساسية المتعلقة بالملكية، وضمان حرية التجارة والتنقل.

حقوق الإنسان في العصور الحديثة

شهد القرن السابع عشر تحوّلاً نوعياً في حقوق الإنسان، حيث تم إصدار عريضة الحقوق عام 1628 أثناء حكم الملك (شارل الأول)، والتي تمثّل توثيقًا حقوقيًا للبرلمان والمواطنين. لاحقاً، تحوّل التركيز على حقوق الإنسان إلى القضايا الدولية مع فترات الصراعات العالمية، حيث لعبت الحروب العالمية دورًا كبيرًا في تعزيز التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان، مما أدى إلى تأسيس عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على ضرورة حماية حقوق الإنسان.

أسباب تطور تاريخ حقوق الإنسان

شهدت حقوق الإنسان تطورات ملحوظة عبر التاريخ، يرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها:

  • ازدواج الحياة الإنسانية وازدياد التواصل بين الشعوب، مما ساهم في التعرف على أوضاع حقوق الإنسان في دول أخرى.
  • نمو الحياة الاقتصادية وازدياد عدد الوافدين الأجانب في الدول، مما أدى إلى انتهاكات حقوقهم وضرورة وضع أعراف تحمي تلك الحقوق.
  • انتشار الأسلحة المدمّرة، مما أدى إلى وضع اتفاقيات مثل اتفاقية جنيف لتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين.
  • بروز وعي عالمي بأن النظم القانونية الداخلية غير كافية لحماية حقوق الإنسان، مما استدعى تعزيز النظام القانوني الدولي.
Scroll to Top