الأسلوب التجريبي في الفلسفة

مفهوم المنهج التجريبي في الفلسفة

يُعرَّف المنهج بأنه مجموعة من الخطوات المتبعة لتحقيق نتائج معينة. ويعتبر المنهج التجريبي بديلاً عن المنهج العقلاني الذي يعتمد على التفكير العقلاني والتأمل الخالص. ومن أبرز مكونات المنهج التجريبي:

الملاحظة

تُعد الملاحظة من أقدم الوسائل التي اعتمدها الإنسان لاستكشاف بيئته. فقد استخدم الإنسان هذه الوسيلة منذ العصور الحجرية لإدارة شؤون حياته وفهم الظواهر المحيطة به، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو طبيعية. أصبحت الملاحظة في الوقت الحالي أساساً للبحث العلمي، ويمكن للباحث جمع وتحليل الملاحظات باستخدام الحواس الخمسة. وتنقسم الملاحظة إلى عدة أنواع، أبرزها:

  • الملاحظة البسيطة أو المرتجلة.
  • الملاحظة العلمية، والتي تُعرف أحيانًا بالملاحظة المسلَّحة.
  • الملاحظة غير المباشرة.
  • الملاحظة المضبوطة أو المنظمة.

الفرضية

تُعرَّف الفرضية بأنها تخمين حول الأسباب الكامنة وراء ظاهرة معينة، مع محاولة اقتراح احتمالات للعوامل التي ساهمت في ظهورها. يُعتبرها العلماء المرحلة الأولية للنظرية، أو نظرية لم يُثبَت صحتها بعد. في هذه المرحلة، يمكن للباحث وضع عدة فرضيات ثم البدء في اختبارها، حيث تكون الفرضية دائمًا لاحقة للملاحظة، ولا يمكن أن تسبقها.

التجربة

تمثل التجربة المرحلة النهائية، وهي العامل الحاسم في تحديد ما إذا كانت الفرضية ستتحول إلى نظرية أم لا. عَرَفها العلماء بأنها اختبار الفكرة ووضعها موضع التنفيذ للتحقق من صحتها. تُعد التجربة من أهم سمات المنهج العلمي، ومن دونها لا يمكن اعتبار المنهج تجريبيًا.

أهم رواد المنهج التجريبي

تباينت آراء العلماء والفلاسفة حول المؤسس الحقيقي للمنهج التجريبي، ولكن بداياته تعود إلى عدة فلاسفة بارزين، من بينهم:

فرنسيس بيكون

يُعتبر فرنسيس بيكون من أبرز فلاسفة العصر الحديث، حيث أسس المنهج الاستقرائي في الفلسفة والعلوم الطبيعية، مؤكدًا أنه لا يمكن استكشاف العالم إلا من خلال التجربة. دعا إلى اعتبار الطبيعة مادةً للبحث العلمي، مُشيرًا إلى أن عقبات الاستقراء تتمثل في الأوهام العقلية، ومنها:

  • أوهام القبيلة: تنشأ بسبب الطبيعة البشرية، حيث يميل الإنسان إلى تعميم الملاحظات دون التحقق مما إذا كانت تنطبق عليها.
  • أوهام الكهف: تعبير عن منظور ضيق للأمور، مستمد من أسطورة أفلاطون حول الكهف.
  • أوهام السوق: تنتج عن استخدام الألفاظ المتداولة.
  • أوهام المسرح: تنشأ بسبب المعتقدات المتوارثة.

جون لوك

يُعد جون لوك من رواد المدرسة التجريبية في الفلسفة، وكان من أوائل الفلاسفة الذين اعتقدوا بأن الحواس هي المصدر الأساسي للمعرفة. في نظرية المعرفة لديه، يُعتبر العقل كالصفحة البيضاء، مما يعني أنه يرفض وجود أحكام مسبقة أو أية تصورات سابقة على التجربة، وبهذا يكون لوك قد انتقد الأفكار العقلانية الديكارتية وأكد على أهمية الحواس في بناء المعرفة.

Scroll to Top