هل يعود العصر الجليدي من جديد؟
تشير الدراسات العلمية إلى إمكانية دخول كوكب الأرض في عصر جليدي جديد خلال آلاف السنين القادمة. وترتبط هذه الظاهرة بشكل رئيسي بالظروف البيئية الطبيعية والأنشطة البشرية الحالية التي تؤثر على المناخ العالمي. لقد ساهم انتشار ظاهرة الاحتباس الحراري في تأخير ظهور العصر الجليدي المقبل بمقدار 50 ألف سنة على الأقل، ومع الأخذ في الاعتبار تأثير الاحتباس الحراري الناتج عن النشاط البشري، يمكن أن تتجاوز هذه المدة لتصل إلى حوالي 100 ألف عام وفقًا لأحد الأبحاث.
التوقعات المناخية المستقبلية
تتضمن الأبحاث المرتبطة بتغير المناخ دراسة المناخ في العصور السابقة بهدف التنبؤ بالأنماط المناخية المستقبلية. حيث تدرس تلك الأبحاث كيفية تغير المناخ على مدى فترات زمنية طويلة، إما من خلال إعادة بناء المناخ القديم أو من خلال تحليل البيانات المناخية التاريخية واستخدام نمذجة متقدمة.
تمكن نمذجة المناخ القديم العلماء من فهم القوى التي أثرت على تغير المناخ عبر الزمن وتقديم رؤى حول التغيرات المتوقعة. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، أصبحت نماذج المناخ أكثر تقدمًا وابتكارًا، مما جعلها واحدة من الأدوات الأساسية في أبحاث تغير المناخ.
العوامل البيئية المؤثرة في العصر الجليدي
فيما يلي بعض العوامل البيئية التي تلعب دورًا في حدوث العصر الجليدي:
ميل محور دوران الأرض
ترتبط التحولات بين العصر الجليدي والعصر الموجود حاليًا بتغيرات في ميل محور دوران الأرض، التي تحدث على مدار 41 ألف سنة، بالإضافة إلى التغيرات في اتجاه مدار الأرض حول الشمس على مدار 23 ألف سنة، فضلًا عن التغيرات في شكل المدار الإهليلجي (بما في ذلك مدى دائرته) على مدار 100 ألف سنة.
تحدث الظروف البيئية المهيئة للعصر الجليدي عندما تتجمع العوامل المذكورة لتحقيق الحد الأدنى من ضوء الشمس الساقط على المناطق القطبية الشمالية، مما يؤدي إلى انخفاض حرارة الأرض وتجمّد المسطحات المائية وتاريخ بدء العصر الجليدي.
وعلى الرغم من أن البداية تكون في المناطق الشمالية، إلا أن العصر الجليدي يحدث بشكل عالمي ويمتاز بمراحل متعددة في كلا نصفي الكرة الأرضية، مع اختلاف في توزيع الجليد فوق اليابسة والمحيطات، بالإضافة إلى تفاوت درجات حرارة الغلاف الجوي وحرارة المحيطات.
الاحتباس الحراري
يعد الاحتباس الحراري، الذي بدأ في القرن الماضي، مسؤولًا جزئيًا عن تغير المناخ، وفقًا لتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) والأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم. تُستخدم نماذج الحاسوب في التنبؤ بتغيرات المناخ مع مراعاة تأثير الاحتباس الحراري.
التغير المفاجئ في المناخ
على الرغم من أن الانتقال إلى العصور الجليدية يتصور عادةً كتحول تدريجي من مناخ حار إلى مناخ بارد على مدى فترات طويلة، إلا أن هناك العديد من الدراسات التي بحثت في تغيّر المناخ خلال المليون سنة الماضية، مشيرةً إلى انتقالات مفاجئة بين الفترات الدافئة (العصر ما بين الجليدي) والعصور الجليدية.
تشير بعض الحقائق إلى أن مناخ الأرض شهد تغيرات سريعة في فترات سابقة، مما يعني أنه قد يتمكن من تغيير نفسه مرة أخرى بسرعة في المستقبل. بينما تشير العوامل المذكورة أعلاه (الاحتباس الحراري وميل محور الدوران) إلى تغيرات مناخية طويلة الأمد، حدثت تحولات سريعة في فترات زمنية قصيرة، حيث انتقلت الأنماط المناخية بين البرد والدفء في غضون 1500 عام.