تفسير الآية الكريمة “وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ” الواردة في الآية رقم 13 من سورة القمر، تُعد واحدة من الآيات العظيمة في القرآن الكريم، والتي تحمل العديد من الدروس والفوائد. في هذا المقال، سنلقي نظرة على سورة القمر وتفسير الآية “وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ”.
سورة القمر
تُعتبر سورة القمر من السور المكية التي نزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة أثناء وجوده في مكة المكرمة.
وهي تعد واحدة من سور المفصّل، حيث تحتوي على 55 آية.
نزلت هذه السورة بعد سورة الطارق.
وفي المصحف الشريف، تُرتب سورة القمر كالسورة رقم 54 ضمن الجزء رقم 27.
وفي الحزب رقم 53، وتُعتبر واحدة من السور التي يُذكر فيها اسم الله تعالى بشكل مباشر.
وتبدأ السورة بالآية: “اقتربت الساعة وانشق القمر”.
تفسير الآية “وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ”
تأتي الآية “وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ” ضمن الآيات الكريمة في سورة القمر. سنستعرض هنا تفسير الطبري لهذه الآية الكريمة:
تفسير الطبري
- فُسرّت هذه الآية بأن الله تعالى حمى نبي الله نوح عليه السلام بسفينة مصنوعة من الألواح والدسُر.
- “الدسُر” هنا هو جمع “دسار” ويُشير إلى المسامير التي تُستخدم لتثبيت الألواح.
- يمكن أن نقول “دسرت السفينة”، بمعنى قمت بشدها بالمسامير.
- بعض العلماء يرون أن “الدسُر” تشير إلى صدر السفينة، حيث تُساعد هذه الأجزاء على دفع الماء عن نبي الله نوح.
- رأى آخرون أن “الدسُر” تعني الألواح الجانبية للسفينة.
- قيل أيضًا أن “الدسُر” تشير إلى عوارض السفينة.
تفسير ابن كثير
ابن كثير أشار إلى أن الآية تعني أن الله تعالى حمل نبي الله نوح مع من آمن به على سفينة مصنوعة من الألواح والدسُر، حيث وردت تفسيرات متعددة من ابن عباس والقرظي وغيرهم تعبر عن نفس المعنى.
ابن عباس قال بأن “الدسُر” تعني المسامير، كما يفضل بعض المفسرين ربط الكلمة بمسميات أخرى تشير إلى عناصر السفينة.
التفسير الميسر
يبين التفسير الميسر أن الآية تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى حمل نبي الله نوح ومن آمن معه على سفينة خشبية مُحكم عملها بالمسامير، تحميهم من أمواج البحر العاتية.
وغرق الله الكاذبين ليكونوا عبرة لكل كافر.
في هذه الآية تبرز قدرة الله العظيمة على نصر المؤمنين وإغراق الكافرين.
تفسير الجلالين
- توضح “وَحَمَلْنَاهُ” دلالة على تحميل نبي الله نوح عليه السلام على سفينة تحتوي على “الألواح والدسُر”، حيث الألواح تمثل الأجزاء الخشبية والسُر تشير إلى المسامير المستخدمة.
تفسير الآية وسبب نزول سورة القمر
جاءت سورة القمر في عصر انشقاق القمر عندما ادعت قبيلة قريش أنها مجرد سحر.
بينما سأل الناس عن هذه الحادثة، أُشير إلى شخص يُدعى ابن أبي كبشة الذي أكد أنهم شهدوا السحر.
أنزل الله سورة القمر لترد على مزاعم قريش، حيث قال تعالى: “اقتربت الساعة وانشق القمر”، مؤكدة أن موعد القيامة قد اقترب.
فضلًا عن ذلك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على قراءة هذه السورة في التجمعات الكبيرة مثل الأعياد، ليشهد أكبر عدد من العباد على عظمة الله وقدرته.
مقاصد سورة القمر
سورة القمر جاءت لتأسيس المبادئ الإسلامية في قلوب الناس. هنا بعض من مقاصد السورة:
- تشير إلى مظاهر قدرة الله عز وجل من خلال حادثة انشقاق القمر.
- تذكير الناس بقرب يوم القيامة لتعزيز الإيمان والعمل الصالح.
- توجيه إنذار للمشركين الذين أنكروا عظمة الله.
- تثبيت حقيقة البعث والأهوال المرتبطة بيوم القيامة.
- تعزيز قدرة الله اللانهائية على الخلق والتغيير بما يشاء.
فضل سورة القمر
تتمتع سورة القمر بمكانة عالية مثل بقية سور القرآن الكريم. وقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يفضل قراءتها في المناسبات مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، وأيضًا في صلاة الفجر، مما يعكس فضلها عند الله.
روى مسلم عن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد عن ما كان يقرأه الرسول في العيدين، فأجابه بأنه كان يقرأ سورة القمر، مؤكدًا على إعجاز الله وقوة الدروس الموجودة فيه.
المعاني الأساسية في الآية
- وَحَمَلْنَاهُ: تشير إلى الإنقاذ أو الحمل، دلالة على إنقاذ الله لنبي الله نوح وأتباعه من الطوفان.
- ذَاتِ: تعني المزودة أو التي تحتوي على، تؤكد صفة معينة للسفينة.
- أَلْوَاحٍ: جمع “لوح”، وتعبر عن الأجزاء الخشبية الأساسية للسفينة.
- ودُسُرٍ: تشير إلى المسامير التي تثبت الألواح لجعلها متينة.