اللغة والكلام باعتبارهما قسمين من اللسان
قام العالم فرديناند دي سوسير بتعريف اللسان على أنه النظام التواصلي الذي يُميز كل فرد إنساني ينتمي إلى مجتمع معين. وبالنسبة له، يُعتبر اللسان نظامًا عامًا للغة. قسم دي سوسير الدراسات اللغوية، وبشكل خاص دراسة اللسان، إلى قسمين رئيسيين، وهما كما يلي:
- اللغة
تُعتبر هذه الفئة هامة وجوهرية، حيث يُنظر إلى اللغة كظاهرة اجتماعية تتجاوز الفرد، لذا يمكن تصنيف دراستها كدراسة نفسية.
- الكلام
يمثل هذا القسم الثاني، ويُصنف باعتباره دراسة تدمج بين الجوانب الفيزيائية والنفسية، ويمكن إدراكه من خلال الحواس مثل السمع والبصر.
ثنائية اللغة والكلام عند دي سوسير
عرف دي سوسير اللغة كنظام اجتماعي يحدد من خلال مجموعة من القواعد والقوانين المشتركة. كما وصفها كظاهرة اجتماعية تنشأ في عقول مجموعة معينة. أشار دي سوسير أيضًا إلى أن اللغة تُعتبر نظامًا نحويًا يُوجد ككيان تقديري داخل كل عقل، مما يدل على أن اللغة تمتلك جانبين، هما كالتالي:
- جانب فردي
حيث تُعتبر ملكة تميز الفرد عن الكائنات الحية الأخرى.
- جانب جماعي
تُمثل اللغة ظاهرة اجتماعية تُشترك فيها جميع الأفراد الذين يمتلكونها من ناحية بيولوجية. وبالتالي، لا يمكن دراسة اللغة بشكل علمي؛ لأنها لا تعكس واقعة اجتماعية خالصة، بل تمثل الفرد والجماعة في نفس الوقت.
فيما يتعلق بالكلام، فقد اعتبره دي سوسير تجسيدًا واقعيًا للغة، حيث يختلف هذا التعبير من شخص لآخر بناءً على البيئة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي. كما أشار دي سوسير إلى أن الكلام يُظهر خيارًا فرديًا واعيًا يعتمد على حرية الاختيار، إذ يقوم الشخص بالتعبير عن أفكاره وقضاياه، مما يجعله محور اهتمام الباحثين الراغبين في وضع قواعد وقوانين للغة.
علاوة على ما سبق، يُعتبر الكلام صورة لممارسة فردية منطوقة، أو نشاطًا صوتيًا عضليًا لفرد في جماعة معينة، مع التوافق مع المعايير المتبعة في تلك الجماعة. وعند دي سوسير، لا يمكن دراسة الكلام دراسة علمية؛ لأنه يعتمد على الاختيار الفردي، وعنصر الاختيار هو أمر غير قابل للتنبؤ، وبالتالي فإن الأمور غير قابلة للتنبؤ لا يمكن دراستها علميًا.
الفرق بين اللغة والكلام
يمكن تعريف الكلام على أنه العمل الفردي المنطوق أو المكتوب الذي يمكن إدراكه من خلال السمع والبصر، بينما تُعتبر اللغة مجموعة القواعد العامة والمعايير الموصوفة في كتب اللغة. لا يمكن إخضاع كل من اللغة والكلام للدراسة العلمية، لأن الكلام عمل فردي يعتمد على الاختيار، مما يجعله غير قابل للتنبؤ، في حين أن اللغة تُعد عملًا جماعيًا، لكنها تُعنى بالفرد والجماعة في آن واحد، وبالتالي فهي ليست واقعة اجتماعية خالصة.
استنادًا إلى ما سبق، يمكن أن يكون موضوع الدراسة العلمية هو اللسان، وذلك لأن اللسان يُعتبر موضوعًا واضحًا ومحددًا ويتميز بالتجانس، مما يُتيح ملاحظته وتصنيفه كحقيقة إنسانية يمكن دراستها وتمحيصها، حيث يُمثل نظامًا تواصليًا.