أسباب تحريم بعض الأطعمة والمشروبات في الإسلام
إن الله تعالى قد منّ علينا بنعمة الإسلام وبعث إلينا رسولاً أميناً، وكشف لنا عن كتابه العظيم الذي يشتمل على تشريعات تتعلق بكافة جوانب الحياة، حيث أباح لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث. وتحقيقًا لهذه الغاية، استند تحليل الأطعمة والمشروبات وتحريمها على الوحي الوارد في القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي إطار رحمة الله تعالى بعباده، فقد تم توضيح تحريم العديد من الأطعمة والمشروبات في الكتاب والسنة. حيث أكد سبحانه وتعالى على مشروعية الطيبات دون الخبائث، ولا شك أن الأصل في هذه الشريعة هو الإباحة، إلا في الحالات التي يتضح فيها النهي بدليل شرعي أو فقدان المنفعة من تلك الأطعمة.
أما ما ينفع الجسم والروح من أطعمة ومشروبات فقد أباحه الله تعالى، لكي يستطيع الإنسان من خلاله طاعة ربه، والاعتناء بنفسه وصحته، وشكر الله تعالى على نعمه. ويمثل تناول الطعام المباح حفظاً لمقاصد الشريعة التي تهدف إلى الحفاظ على صحة الإنسان، إذ إن كل ما يضر بالصحة فإن الله حرمه، لما فيه من مفسدة وضرر.
الوقاية من الأضرار الصحية
يرتبط تحريم الميتة من الحيوانات بوجود الدم المحتبس فيها، ويعود سبب التحريم إلى عاملين:
- حق الله تعالى:
فقد نهى الله عن تناول الميتة، ومن يتناولها قد تجاوز حدود الله واعتدى على حرمة الأوامر والنواهي.
- مصلحة العباد:
حيث إن كل نهي من الله يحمل في طياته مصلحة للعباد في الدنيا والآخرة، بغض النظر عما إذا كان الإنسان يدركها أم لا. وقد حرم الله العديد من الأطعمة لما تسببه من أضرار على الصحة.
الحفاظ على الذوق السليم والابتعاد عن المستقذرات
إن من بين العوامل التي دفعت الإسلام لتحريم بعض الأطعمة والمشروبات هو القيام بالوقاية من الأمراض التي قد تنجم عن تناول ما يضر الجسم، مثل الطين والفحم والخشب، بالإضافة إلى تجنب المواد التي ترفضها الطبائع السليمة مثل الروث والقمل والمخاط. هذا يساعد في الحفاظ على الذوق السليم والابتعاد عن الأمور المنفرة.
وعبر بعض التعاليم الإسلامية نكتشف المرونة التي تتسم بها الشريعة الإسلامية، التي تظل صالحة لكل زمان ومكان. على سبيل المثال، تم تحريم لحم الخنزير بسبب تعرضه لإصابة عدد كبير من الطفيليات الضارة.
حفظ العقل والمال والعرض
في الإسلام، تحظر بعض الأطعمة والمشروبات بهدف الحفاظ على مقاصد الشريعة والتي تتضمن:
- حفظ العقل:
من خلال النهي عن كل ما قد يفسد العقل ويؤثر عليه، مثل الخمر والمخدرات التي تؤدي إلى إتلاف العقل.
- حفظ المال:
حيث تسهم تلك الأطعمة والأشربة في إهدار المال في غير موضعه، من خلال شراء المسكرات والمخدرات.
- حفظ النفس:
إذ قد يؤدي فقدان العقل إلى التعرض للخطر أو الإقدام على الجرائم، مثل الزنا والقتل، بسبب فقدان القدرة على التمييز بين ما هو نافع وما هو ضار.
وبذلك يتضح أن الحكمة من تحريم بعض الأطعمة تكمن في الأضرار التي تلحق بالجسم، مما يدعو الإسلام إلى ضرورة تجنبها لضمان صحة الإنسان وعافيته، وبالتالي تحقيق مقاصد الشريعة في حماية العقل والمال والعرض.
الاهتمام بطبائع الإنسان وأخلاقه
إن من الأسباب التي دعت الإسلام لتحريم بعض الأطعمة والمشروبات هو الحفاظ على طبيعة الإنسان وخلقه، كما أن تناول هذه الأطعمة قد يؤدي إلى ضرر بالإنسان، مما ترفضه النفوس السليمة. فبعض الأطعمة، مثل لحوم السباع وجوارح الطيور، تعتبر خروجًا عن الطبيعة السوية التي خلقها الله.
سد طريق الشهوات
يعد تحريم بعض الأطعمة والأشربة في الإسلام وسيلة لسد طرق الشهوات التي قد تلهي الإنسان عن ذكر الله وتبعده عن أبواب رحمته وعنايته، مما قد يؤدي إلى التوتر والعداوة بين المسلمين. والدليل على ذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ).