مدرسة السريالية وميزاتها الأساسية

ما هي المدرسة السريالية؟

تُعتبر المدرسة السريالية واحدة من أبرز الحركات الفنية والثقافية والأدبية التي ظهرت في العصر الحديث، وبالتحديد في أوائل القرن العشرين. إنها تمثل تيارًا جديدًا ينقلب على المفاهيم التقليدية التي كانت سائدة في مختلف أنواع الفنون. ويشتق مصطلح “السريالية” من كلمة فرنسية تعني “ما بعد الواقع” أو “ما فوق الواقع”.

تهدف المدرسة السريالية إلى تحدي المنطق والواقع من خلال الإبداع وإلهام الأحلام التي تراود الإنسان، بالاستناد إلى العقل الباطن ومزاجاته وطرقه. وتعتمد هذه المدرسة على أفكار هيجل وفرويد في مجالي التحليل النفسي وعلم النفس.

تاريخ نشأة المدرسة السريالية

تأسست المدرسة السريالية رسميًا في عام 1924، كمواصلة فنية شرعية للمدرسة الدادائية، التي ظهرت في عام 1916 وكانت تهدف إلى تحدي الأفكار التقليدية والبرجوازية في الفن. وفي بداية العشرينات، أصبحت الدادائية عنصرًا فريدًا ومؤثرًا في الساحة الفنية.

تُعتبر السريالية حركة مناهضة وجرئية للقيود والتقاليد المفروضة في الفنون التي تعتمد كليًا على الواقع. وقد اعتبر رواد الدادائية أنفسهم مسبوقين للسريالية، والتي انبثقت عنها واستمرت في التطور كتيار فني وثقافي جديد.

شهدت السريالية تطورًا سريعًا خلال فترة قصيرة، وبحلول الأربعينيات من القرن العشرين، أصبحت ظاهرة عالمية. وكان للحرب العالمية الأولى تأثير كبير على نشأتها، حيث دعا مؤسسوها إلى embrace الفجوات واللامنطق كرد فعل لجنون العالم الذي ساد خلال تلك الفترة.

من الشخصيات الفنية البارزة التي ساهمت في تأسيس السريالية: هانز آرب، وماكس إرنست، وخوان ميرو، ومارسيل دوشامب، وفرانسيس بيكابيا، وتريستان تزارا، وكورت شفيتز، وسلفادور دالي، وأندريه ماسون.

خصائص المدرسة السريالية

تتمتع المدرسة السريالية بعدد من الخصائص الفريدة، والتي سيتم تناولها كما يلي:

  • استخدام الأساليب الرمزية اللاشعورية في الفنون بجميع أشكالها، بما في ذلك الأدب.
  • إلغاء القيم الجمالية والأدبية والأخلاقية، وتحدي القيود والقيم التقليدية.
  • التحول من المعلوم الواضح إلى الغموض المشوش في الأعمال الفنية.
  • دمج الواقع في اللامعقول والخيال في الواقع من خلال توظيف الخيال.
  • التركيز على دراسة الأوضاع الواقعية دون مراعاة الطبيعة.
  • اعتماد أسلوب رسم الأشياء كما تظهر في عالم الأحلام والرؤى، استنادًا إلى مبادئ التحليل النفسي.

أبرز رواد المدرسة السريالية

برز في المدرسة السريالية عدد من الأدباء والفنانين من مختلف أنحاء العالم وفي مجالات متعددة، ومن أبرز هؤلاء الرواد:

ماكس إرنست

(1891م – 1976م) يُعتبر من رواد المدرسة السريالية البارزين، وهو فنان ألماني الجنسية. كان نحاتًا ورسامًا، ويدافع عن فكرة الاعقلانية وما يتجاوز الواقع. تُعتبر أعماله من الأهمية الكبيرة، منها: “المرأة ذات المئة رأس”، “أحلام الفتاة الصغيرة في ارتداء الحجاب”، و”الملك يلعب مع الملكة”.

هانز آرب

(1886م – 1966م) هو فنان فرنسي ألماني، وُلد في سويسرا. برع كفنان نحات ورسام وكولاجي، ومن أبرز أعماله: “مجموعة من المربعات المرتبة حسب قوانين الفرصة”، و”الشوكة”.

خوان ميرو

(1893م – 1983م) يُعتبر من ضمن أبرز الفنانين السرياليين، وهو رسام ونحات إسباني، متميز بجمعه بين الفن السريالي والفن التجريدي. من أعماله المعروفة: “الكلب ينبح على القمر”، و”جدران خزفية لمبنى اليونسكو في باريس”.

فرانسيس بيكابيا

(1879م – 1953م) كان رسامًا وشاعرًا وناشر أفلام فرنسي، يُعتبر من أبرز الأسماء في عالم السريالية. بدأ كرسام انطباعي، ثم تطور أعماله نحو الاتجاه اللاموضوعي، ومن أهمها: “الربيع”، و”صورة الزوجين”.

سلفادور دالي

(1904م – 1989م) يعد من أشهر الفنانين السرياليين، وهو رسام ومصمم مطبوعات إسباني. بين عامي 1927 و1937، أنتج أعمالًا جعلته فنانًا مشهورًا، ومنها “إصرار الذاكرة”.

أندريه ماسون

(1896م – 1987م) كان رسامًا وفنان جرافيك فرنسي، درس في بروكسل وانضم إلى السريالية في منتصف العشرينات. من أعماله المعروفة: “في برج النوم”، و”جراديفا”.

أندريه بريتون

(1896م – 1966م) يُعتبر زعيم حركة السريالية في نيويورك في منتصف العشرينات، وصاغ البيان السريالي. ومن أهم أعماله: “بيضة في الكنيسة”.

الآراء النقدية حول المدرسة السريالية

كما هو الحال مع العديد من الحركات الفنية والأدبية، تعرضت المدرسة السريالية لعدد من الانتقادات. وفيما يلي أبرز الآراء النقدية:

  • الأديب والناقد محمد مندور

يشير إلى أن “السريالية ليست مذهبًا أدبيًا، حيث تفتقر إلى القواعد والأسس الفنية”.

  • الأديب أندريه بريتون

يصف السريالية بأنها “حركة ذاتية نفسية تستند إلى التعبير الفني عن الأفكار في غياب العقل”.

  • الناقد عبد الرزاق الأصفر

يرى أنها “تبتعد عن الأخلاق وتستند إلى العالم الباطني دون الالتفات إلى متطلبات المنطق”.

  • الناقد كمال الدين عيد

يؤكد أن تأثير السريالية في الأدب كان ضعيفًا، وأن تأثيرها في الفن التشكيلي كان أعمق، مشيرًا إلى أن السريالية الأدبية لم تُحقق قاعدة متميزة مثل السريالية الفنية.

Scroll to Top