صُدر قول الله تعالى في سورة الحجر: “الذين جعلوا القرآن عضين”، وسنتناول هذا المعنى بالتفصيل فيما يلي. ويُشار إلى أن مدينة الحجر هي المسكن المعروف لقوم ثمود الذين كانوا في زمن النبي صالح عليه السلام. تعتبر سور الحجر من السور المكية عدا الآية رقم 87 التي تُصنف كمدنية.
تعد سورة الحجر من سور المئين، وهي السور التي تحتوي على حوالي 100 آية، إذ يبلغ عدد آياتها 99 آية، و659 كلمة، و2797 حرفاً. وهي السورة رقم 15 في ترتيب المصحف الشريف.
تفسير الآية: الذين جعلوا القرآن عضين
- الآية الكريمة “الذين جعلوا القرآن عضين” هي الآية 91 من سورة الحجر، وقد اختلف المفسرون في تفسير هذه العبارة.
- سنقوم بجمع التفاسير المختلفة لتكون في متناول القارئ الكريم، ليستوعب المعاني عند تلاوة الآية.
- يعتقد بعض المفسرين أن الذين جعلوا القرآن عضين هم الذين قاموا بتقسيمه إلى أجزاء، فقالوا عنه أنه مفترى أو أساطير الأولين أو سحر يأتي به محمد أو شعر.
- كما قيل في تفسير آخر أن “العضين” تدل على أن القرآن هو سحر.
- وذهب آخرون إلى أن المقصود بهم هم الذين يصدقون بعض القرآن ويكذبون البعض الآخر، وقد قيل إن هؤلاء هم النصارى واليهود الذين فرقوا كتابهم.
- من جهة أخرى، يقصد بالتقسيم الاختلاف حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث اعتبره البعض شاعراً أو كاهناً أو ساحراً.
- يُروى أن الوليد بن المغيرة جند مجموعة من الرجال للتقابل مع من يأتون لمكة للحج أو التجارة، ليجعلوهم يحذرون من محمد الذي ادعى النبوة.
- عندما سُئل الوليد رأى أن هؤلاء المقتسمين هم الصادقون، وعكس ذلك عن النبي محمد.
- أُشير أيضاً إلى أن كلمة عضين تجمع على عضة، أي أن القرآن قد تم تقطيعه إلى أجزاء.
- تنسب بعض التفسيرات إلى أن “عضين” هو من حيث المعنى الكاذب الذي أُشير إليه.
التفسير المبسط:
إنهم الذين قسموا القرآن إلى أجزاء، حيث اعتبره بعضهم سحراً، وآخرون كهانة، وصرفوا الناس عن الهدى.
تفسير الجلالين:
المقصود هنا هم الذين فرّقوا القرآن إلى أجزاء، آمنوا ببعضها وكفروا ببعض، كما أنهم اقتسموا آراءهم في النبي، فقالوا عنه إنه ساحر أو كاهن أو شاعر.
تفسير السعدي:
هؤلاء هم الذين قسموا القرآن حسب أهوائهم، حيث قال بعضهم إنه سحر، وآخرون قالوا إنه كهانة أو مزاعم مفترى.
تفسير البغوي:
تشير إلى الذين قسموا القرآن، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وأيضاً الذين اقتسموا الآراء حول رسول الله.
التفسير الوسيط:
تشير إلى أن هؤلاء قسموا القرآن إلى حق وباطل، كما قد يكون المشركون من قريش ممن ظهروا في شوارع مكة لصد الناس عن الإسلام.
تفسير ابن كثير:
يعني أنهم قسموا كتبهم السماوية، وآمنوا ببعضها وكفروا ببعض. ويرجّح أن المقصود هم اليهود والنصارى.
العاضهة والمستعضهة
- يُقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن العاضهة والمستعضهة، وهما الساحرة والمستسحرة. وقد أكثر هؤلاء من التلفيق حول الرسالة والقرآن.
- سبب اللعنة هو أن العضة تشير إلى النقصان، بينما تظل الشفة المستخدمة للتأنيث.
- قيل إن العضة تقابل النميمة، بينما العضم تشير إلى الكذب.
- ذكر الكسائي أن العضة تعني الكذب، مما يشير إلى الكفر بما في القرآن.
- كما أشار الفراء إلى أن “عضين” مأخوذ من “عضاة” شجر الوادي.
أقسام سورة الحجر الخمس
- القسم الأول يبدأ بقول الله “ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين”، وينتهي عند قوله “لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين”. هذه الآيات توضح سنة الله في رسالاته.
- ترتكب الأمور الواضحة لإنذار المكذبين الذين يكذبون عن عناد.
- يبدأ القسم الثاني من “ولقد جعلنا في السماء بروجًا”، وينتهي عند “إن ربك يحشرهم إنه حكيم عليم”. يتناول هذا القسم آيات الخالق في الكون.
- القسم الثالث يسلط الضوء على قصة البشر بدءًا من خلق آدم.
- القسم الرابع يبدأ بآية “أني أنا الغفور الرحيم” ويدور حول رحمة الخالق وقصص الأنبياء.
- يسلط الضوء على الحقائق التي يمر بها الكفار مستعرضين آثار السابقين.
- القسم الخامس يبرز الحقيقة الغائبة عن خلق الكون، وينتهي بقضية الثواب والعقاب.
- هذه الآيات ترتبط برسالة النبي محمد التي تميز بين الحق والباطل.
أسباب نزول سورة الحجر
يبيّن المفسرون أن هناك عدة أسباب لنزول بعض الآيات في سورة الحجر، ويتفاوت الآراء حول هذه الأسباب. إليكم بعض من هذه الآراء:
- منها أن سبب النزول يتعلق بسيدة مسلمة قامت بالصلاة خلف النبي، ما جعل بعض الرجال يحاولون الصلاة أمامها لحجب رؤيتها.
- ورغم ذلك، يرفض البعض هذا التفسير بسبب مخالفته لمبادئ المسلمين الأوائل.
- هناك من يرى أن السبب مرتبط بتشجيع النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة في الصف الأول.