التاريخ الشامل: رواية ابن الأثير

ابن الأثير

يعتبر عز الدين أبو الحسن الموصلي واحداً من أبرز المؤرخين في التاريخ الإسلامي. وُلد في عام 555 هـ في جزيرة بن عمر، التي تقع على الحدود بين سوريا وتركيا، في أسرة تهتم بالعلم والدين. وقد بدأ حياته بحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى مدينة الموصل حيث تفاعل مع الأحاديث الشريفة وحفظها. بعد ذلك، انتقل إلى دمشق، حيث تعلم الفقه من كبار المشايخ في المدينة، لكنه اختار أن يركز على دراسة الحديث والتاريخ. فأصبح عالماً متمكناً في أنساب العرب وأخبارهم، وخاصة تلك المتعلقة بالصحابة الكرام، مما جعله واحداً من الأسماء اللامعة في عصره.

مؤلفات ابن الأثير

ترك ابن الأثير إرثاً غنياً من المؤلفات خلال مسيرته، ويرجع الفضل في ذلك إلى علاقاته الواسعة مع الحكام في الموصل وأسفاره المستمرة في طلب العلم. بالإضافة إلى ذلك، كانت لديه علاقة وثيقة بالقائد صلاح الدين الأيوبي، الذي شاركه تفاصيل الصراعات والمعارك. من أشهر مؤلفاته “أسد الغابة في معرفة الصحابة” و”اللباب في تهذيب الأنساب”، بالإضافة إلى الكتاب الذي سيتناوله هذا المقال بشكل موسع، وهو “الكامل في التاريخ”.

الكامل في التاريخ لابن الأثير

موضوع الكتاب

يعتبر “الكامل في التاريخ” مجموعة من اثني عشر مجلداً، حيث استعرض فيه ابن الأثير تاريخ البشرية منذ بداية الخلق حتى عصره، الذي يتجاوز العام 628 هـ. اتبع ابن الأثير نهج التسجيل الحولي، حيث كان يسجل الأحداث سنوياً، وقد قام بدمج الأخبار الشرقية والغربية، مع الحفاظ على التركيز على الأحداث المحلية. بالإضافة إلى ذلك، أدرج في تسجيلاته الظروف المناخية والاقتصادية، مثل تقلبات الأسعار، وظروف الصحة العامة كالأوبئة والزلازل، مما جعل هذا الكتاب مصدراً شاملاً للتاريخ.

البعد التحليلي في الكامل في التاريخ

لم يقتصر عمل ابن الأثير في هذا الكتاب على تسجيل الأحداث فقط، بل قام كذلك بتفسير الأحداث السياسية والاجتماعية والأخلاقية بطريقة علمية تُظهر عمق فكره ورؤيته. ما يميز هذا الكتاب هو استكماله للأحداث التي توقفت عندها روايات الطبري في العام 302 هـ، حيث تناول الحروب الصليبية وزحف التتار إلى البلاد الإسلامية بأسلوب واضح وعفوي.

من الجدير بالذكر أن ابن الأثير أنهى تأليف هذا الكتاب في عام 628 هـ، ولكنه أهمله لفترة حتى طلب منه الملك الرحيم مراجعة النص. وتمت طباعة الكتاب لأول مرة في عام 1850 م في مدينة ليدن، والتي تلتها طبعة أخرى في عام 1303 هـ في مصر.

بعض فصول الكامل في التاريخ

  • المجلد الأول: يتحدث عن فوائد علم التاريخ بشكل عام، ثم يستعرض بدء الخلق، وقصص الأنبياء حتى سيدنا عيسى عليه السلام وصعوده إلى الله، بالإضافة إلى أخبار القبائل العربية قبل الإسلام.
  • المجلد الثاني: يتناول مرض النبي عليه الصلاة والسلام ووفاته.
  • المجلد الرابع: يركز على خلافة المقتدر في عام 295 هـ.
  • المجلد السابع: يُعتبر من أهم أجزاء الكتاب، حيث يتضمن عدة ذكريات ومشاهدات شخصية للكاتب.
Scroll to Top