اليافعي: مؤرخ وفقيه مسلم متميز في التاريخ الإسلامي

من هو اليافعي؟

هو عفيف الدين أبو السّعادات، أبو محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليافعي المكّي الشّافعي، الذي عاش في مكة وارتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسجد الحرام. يعتبر من الأئمة العاملين والمؤرخين المسلمين، كما أنه مؤلف لمجموعة من الكتب الهامة. يُعتبر اليافعي شاعراً تأثر بشدة بمحي الدين بن عربي. وُلِدَ في عام 698 هـ/1298 م في جبال يافع في جنوب اليمن، وتوفي في عام 768 هـ/1367 م في مكة المكرمة. خلال حياته، تنقل بين عدة مدن منها عدن، القدس، سوريا، مكة المكرمة والمدينة المنورة.

تعليم اليافعي وطلبه للعلم

نشأ اليافعي في بيئة يمانية مفعمة بالصلاح والتقوى. بخلاف أقرانه، لم يكن مشغولاً باللعب في طفولته، بل كان يقضي وقته في تعلم القرآن. عندما لاحظ والده علامات الفلاح والنجاح عليه، أرسله إلى مدينة عدن ليتلقى العلم على يد شيوخها. هناك، تعلم على يد العلامة أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهيني المعروف بالبصال، حيث حفظ القرآن وبعض المتون الأخرى. كما درس على يد عدد من الشيوخ، مثل الشيخ شرف الدين أحمد بن علي الحرازي قاضي عدن ومفتيها، وشيخ الصوفية مسعود الجاوي الذي ألبسه الخرقة الصوفية. كانت أول رحلة حج له عندما كان في سن الثانية عشرة.

مع بلوغه، بدأ اليافعي رحلته في طلب العلم، فقام بجولات في القدس ودمشق والقاهرة، حيث أخذ عن أبرز الفقهاء والمحدثين. استقر في الحجاز، متجولًا بين مكة والمدينة، وتوجه نحو التصوف، حيث درس علومه والتزم بطرقها. أصبح معروفاً بحفظ الكتب ودراسة الفقه والنحو، مما جعله شيخ زمانه في مجالات الفقه والحديث والتصوف، بالإضافة إلى إتقانه التاريخ والأدب العربي. كما انخرط في التدريس والتأليف.

طريقة اليافعي في التصوف

كان اليافعي فقيهاً زاهداً حيث تأثر بآراء وسلوكيات التصوف. كان يعشق الاعتزال والابتعاد عن الناس، ويفضل التنقل في الفيافي والجبال، مُتبعًا طريقة ابن عربي في التصوف. قضى نحو عشر سنوات في خلوة مستمرة للعبادة والتأمل في الحرمين الشريفين. كان معروفًا ببره وصدقه وعطاءه، متواضعًا ومترفّعًا عن الحاجات الدنيوية. قام بتربية الطلاب والمريدين، ليصبح إمامًا يُستشهد بعلمه ويُقتدى بسلوكه. كان يحظى بالتقدير من أهل العلم والعلماء المعاصرين له.

حياة اليافعي وتنقله

بعد أداء مناسك الحج، عاد اليافعي إلى اليمن، حيث صاحب الإمام علي المعروف بالطواشي ليتعلم منه ما يفيد في مجال العلم. ثم عاد إلى مكة في عام 718 هـ، واستقر هناك وتزوج، ودرس تحت إشراف عدد من الشخصيات البارزة، مثل علي الرضى الطبري والنجم الطبري وغيرهم. بعدها انتقل إلى الشام حيث زار القدس والخليل وأقام هناك لعدة شهور. كما زار مصر واجتمع بعدد من العلماء، مستمرًا في أداء مناسك الحج سنويًا، ثم تزوج في المدينة المنورة حتى توفاه الله، ودفن في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة.

كتب اليافعي

كان اليافعي مُؤلفاً غزير الإنتاج في العديد من المجالات بما في ذلك علوم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه والتصوف والتاريخ. ومن أبرز مؤلفاته:

  • مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان.
  • الترغيب والترهيب.
  • نشر المحاسن الغالية في فضل مشايخ الصوفية أصحاب المقامات العالية.
  • الدر النظيم في خواص القرآن العظيم.
  • مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة.
  • روض الرياحين في مناقب الصالحين.
  • أسنى المفاخر في مناقب الشيخ عبد القادر.
Scroll to Top