يقدم هذا المقال تفسيرًا للآية “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، وذلك بالاستناد إلى آراء عدد من العلماء البارزين في مجال التفسير. كما يتناول المعاني المختلفة لألفاظ الآية بشكل مفصل، بالإضافة إلى إعراب كل كلمة على حدة.
إن فهم التفسير يسهل عملية حفظ الآيات، ويمكّن الشخص من إدراك الرسالة والدروس المستفادة منها. بينما يسهم توضيح المعاني والإعراب في تحسين طرق التلاوة والترتيل من الناحية اللغوية.
تفسير: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
نزلت هذه الآية الكريمة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، وهي واحدة من آيات سورة الحجر، وتحمل الرقم 9 في ترتيب السورة. فيما يلي تفسير مبسط للآية مأخوذ من عدة كتب تفسير:
كتاب الوجيز للمفسر الواحدي
- أوضح الواحدي أن المقصود بالذكر في هذه الآية هو القرآن الكريم.
- وأن الله سبحانه وتعالى يؤكد للمسلمين أنه هو الحافظ لهذا الكتاب.
- ولن يسمح للمشركين أو الكافرين بأي تعديلات سواء بالنقص أو الزيادة.
كتاب معالم التنزيل للمفسر البغوي
- فسر البغوي الذكر بأنه القرآن الكريم.
- وأوضح أن الآية تتحدث عن حماية الله للقرآن من الشيطان حتى لا يغير أو يلغي بعض الآيات، أو يزيد عليها.
كتاب تفسير كلام المنان للمفسر السعدي
- بين السعدي أن الذكر هنا يشير إلى القرآن المنزل على النبي محمد من الله.
- وأنه يحتوي على معجزات متعددة ووسائل توعية للمسلمين لتذكيرهم بالله.
- كما أن عبارة “إنا له لحافظون” تشير إلى قدرة الله على حفظ القرآن من الشياطين التي تتعمد تغييره.
- حيث يحفظ الله القرآن في قلب النبي وفي قلوب المتقين من المسلمين، كما يحمي آياته من أي تغيير في الألفاظ أو المعاني.
كتاب تفسير القرآن العظيم للمفسر ابن كثير
- يوضح ابن كثير أن الله وحده هو القائم بحماية الكتاب الكريم من أي تحريف أو تغيير.
- وفسر أن الضمير في الآية يشمل القرآن والنبي محمد، حيث يحفظ الله النبي من الأذى كما يحفظ الكتاب.
تفسير الطبري
شرح الطبري الرسالة التي تشير إليها الآية بشكل دقيق، كالتالي:
- إنا نحن نزلنا الذكر: يؤكد هذا الجزء أن الله هو الذي أنزل الآيات على رسولنا الكريم محمد.
- وذلك من خلال جبريل، لتفنيد الشائعات التي أشيعت من قبل الكافرين حول كون الآيات من تأليف النبي.
- وإنا له لحافظون: يبين هذا الجزء أن الله يحمي القرآن بما فيه من آيات من أي تعديل أو إلغاء.
- أو إضافة آيات لا تتعلق بكلام الله، وهذه الحماية تشمل الإبليس وأفراده، فضلاً عن المشركين.
- كما أشار إلى أن الضمير في كلمة “له” يعود إلى سيدنا محمد.
- المعنى هنا أن الله سبحانه يحفظ النبي من الأعداء والأذى.
- قد اتفق الطبري والعلماء المفسرون على أن اللفظ “نحن” يدل على الله فقط.
- وأن صيغة الجمع هنا تأتي للتعظيم.
معاني الكلمات: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
فهم معنى كل لفظ من آيات القرآن يؤثر على الوعي وإدراك المقاصد والدروس الإلهية، بالإضافة إلى تسهيل الحفظ وربط الآيات ببعضها البعض. فيما يلي سنستعرض معاني الكلمات في الآية 9 من سورة الحجر:
إنا:
- اسم تأكيد من الفعل “إن”.
نحن:
- يشير إلى الله، والصيغة الجمع هنا تعبر عن عظمة الله.
نزلنا:
- تعني أنزل الله هذا الذكر.
الذكر:
- القرآن، وقد فسر بعض العلماء الذكر بأنه يتضمن السنة أيضاً.
وإنا له:
- الهاء تعود على الذكر والرسول.
لحافظون:
- حفظ بمعنى حماية من تحريف الذكر أو تغييره أو النقصان فيه أو الزيادة.
المعنى العام للآية:
- يمكن تلخيص مقصد الآية في أن الله عز وجل هو الذي أنزل القرآن.
- وقد عهد إلى نفسه بحفظه، وتعهد بعدم السماح للشياطين أو الكافرين بتغييره.
ما يستفاد من آية: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
يشدد تفسير “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” على أن الله تعالى اختص بحماية الكتاب الكريم، والذي تعرض للاستهزاء من قبل الكافرين عبر العصور. وفيما يلي نستعرض الرسالة التي تحملها الآية:
الاستهزاء بالقوم المنكرين:
- يستحقر الله بهم في هذه الآية.
- ويوضح أنه هو الذي أرسل جبريل بالقرآن، وأنزله على محمد.
- كما أنه حفظ القرآن خلال إنزاله من أيدي المشركين والشياطين.
قدرة الله:
- يبين الله قدرته التي منحها للعديد من الأنبياء وعباده من خلال معجزات لا يمكن للعقل استيعابها.
- تشمل هذه المعجزات حماية القرآن من أي تغيير للآيات أو تلاعب بها.
إعجاز القرآن:
- يوضح الله أن آيات القرآن خالية من أي تناقضات.
- وإنه يحفظ هذه الآيات بمعجزة تعجز أي إنسان عن إثبات وجود تضارب أو تناقض، كما يعجز عن الإتيان بما يماثلها.
طائفة حافظي القرآن:
- يؤكد الله أن من مظاهر حفظ القرآن وجود طائفة تجتهد في حفظه.
- وأن الله يحفظه في قلوبهم، وتتوارث الأجيال الآيات من هذه الطائفة.
حماية اللغة العربية:
- أوضح بعض المفسرين أن حماية الله للقرآن تشمل أيضًا حماية اللغة العربية، حيث إنه كتب باللغة العربية.
- وجود القرآن يقتضي التفسير، مما يساعد الناس على فهم قواعد اللغة العربية وإدراك معاني القرآن.
مظاهر تحقيق وعد الله: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
على الرغم من أن هذه الآية نزلت قبل قرون عديدة، إلا أن هناك دلائل واقعية تشير إلى حفظ الله للكتاب من التحريف. وفيما يلي نستعرض هذه الدلائل:
- الفتن: عاصر المسلمون العديد من الفتن والهزائم عبر العصور.
- في تلك الفترات، لم يتمكنوا من حماية أنفسهم أو أموالهم.
- لكن هذه الفتن لم تؤثر على قدسية الكتاب وما يحتويه، حيث صان الله كتابه.
- الفرق الضالة: انتشرت عبر الزمن فرق تدعي الانتماء للإسلام ظاهريًا، لكن في الحقيقة تحاول تحريف الدين.
- رغم نجاح بعضهم في تحريف بعض الأحاديث، إلا أن أحدًا منهم لم يتمكن من التعدي على آيات القرآن.
- أيضًا، تجاوزت هذه الفرق الضالة على كتب سماوية أخرى مثل الإنجيل، لكن القرآن لا يزال محفوظًا برعاية الله.
إعراب: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
يساهم الإعراب الصحيح للكلمات في الآيات في تحسين ترتيلها وحفظها بشكل سليم. فيما يلي إعراب كل لفظ في الآية 9 من سورة الحجر:
- إن: حرف نصب وتوكيد.
- نا: ضمير في محل نصب تابع لحرف إن.
- نحن: ضمير منفصل، وهو مبني في محل رفع مبتدأ، ويمكن أن يكون منصوبًا للتأكيد.
- نزلنا: فعل ماضٍ.
- الذكر: مفعول به.
- وإنا: الواو حرف عطف، وإنا تأخذ نفس إعراب إن الأولى.
- له: اللام حرف جر، والهاء ضمير في محل جر متعلق باللفظ “حافظون”.
- لحافظون: اللام هنا للتوكيد، “حافظون” خبر اسم إن.