العالم جان بياجيه
جان بياجيه هو عالم نفس سويسري وُلد في 9 أغسطس 1896 في مدينة نوشاتيل، سويسرا. يُعتبر بياجيه رائدًا في مجال علم النفس التنموي، حيث أجرى أول دراسة منهجية حول كيفية اكتساب الأطفال للفهم. اعتبره الكثيرون الشخصية الأهم في دراسة علم النفس التنموي خلال القرن العشرين. منذ صغره، كان له اهتمام خاص بعلم الحيوان، حيث قام بنشر مقال يتناول ملاحظاته حول عصفور ألبينو. كذلك، كتب العديد من المقالات حول الرخويات، والتي حازت على إعجاب واسع في الأوساط العلمية الأوروبية. حصل على درجة الدكتوراه من جامعة نوشاتيل عام 1918، حيث درس علم الحيوان والفلسفة.
اشتهر بياجيه بنظريته في التطور المعرفي، التي تتناول كيفية تطور التفكير لدى الأطفال. قبيل تقديم نظريته، كانت النظرة السائدة تعتبر الأطفال بالغين في مرحلة الطفولة. لكن بياجيه أظهر أن الأطفال يفكرون بشكل مختلف تمامًا عن البالغين، مما أحدث تأثيرًا كبيرًا على علم النفس التنموي وتعليم الأطفال. عُرف كأحد رواد النظرية البنائية، التي تفيد بأن المعرفة تُبنى بنشاط استنادًا إلى الأفكار والخبرات المكتسبة. بدأ اهتمامه بالعلوم الطبيعية في سن مبكرة، حيث بدأ بالكتابة عن عصفور ألبينو عندما كان في الحادية عشر من عمره.
المسيرة المهنية للعالم بياجيه
كرّس جان بياجيه حياته للدراسة والعمل، متّبعًا نهج والده المؤرخ، مما تسبب في انخراطه العميق في الدراسة بدلاً من قضاء أوقات الفراغ. كتب أكثر من 50 كتابًا ومئات المقالات، حيث قام بنشر أعماله في مجلات متعددة. في البداية، كان يعاني من عدم أخذ مؤلفيه الآخرين له بجدية بسبب صغر سنه. بعد كتابته عن الرخويات، حصل على فرصة عمل في متحف التاريخ الطبيعي في جنيف، إلا أنه فضل إكمال دراسته. كان موضوع رسالته للدكتوراه حول الرخويات.
بعد ذلك، قدّمه والدُه الروحي إلى عالم الفلسفة، حيث دمج بين دراسة علم الأحياء وعلم المعرفة، كونهما أساسيين في نظرياته التعليمية. عمل في مختبرين نفسيين في زيورخ، ما ساعده على تعميق فهمه للتحليل النفسي ودراسة العمليات العقلية. درس أيضًا علم النفس الطبيعي في جامعة السوربون المعنية بالصحة العقلية. خلال مسيرته، طور اختبارات موحدة للتفكير في عام 1920 والتي كان لها دور في قياس جودة وتنوع تفكير الأطفال.
بحلول عام 1921، تولى بياجيه منصب مدير الأبحاث ومدير مساعد في معهد جان جاك روسو، الذي أصبح جزءًا من جامعة جنيف. قام بتدريس التاريخ العلمي في جامعات باريس ولوزان ونوشاتيل، وكان أيضًا رئيس المكتب الدولي للتربية ومندوب سويسرا في اللجنة الاقتصادية والعلمية للأمم المتحدة، المعروفة الآن باليونسكو. أسس مركز نظرية المعرفة الجينية في جنيف عام 1955 بدعم من مؤسسة روكفلر، كما أطلق معهد العلوم التربوية عام 1956 وواصل قيادته.
ملخص: تُعَد مسيرة جان بياجيه المهنية مليئة بالإنجازات، حيث لديه العديد من الكتب والمقالات المنشورة. كما ترك بصمة قوية في مجالات الرخويات، الفلسفة، وعلم النفس الطبيعي، وعمل في مختبرات نفسية بالإضافة إلى ترأسه في معهد جان جاك روسو. درّس في عدة جامعات وشغل مناصب مرموقة مثل رئاسة المكتب الدولي للتربية وممثل الأمم المتحدة، وأسس معهد العلوم التربوية في جنيف.
نظرية جان بياجيه في التطور المعرفي
تعبر نظرية بياجيه في التطور المعرفي عن كيفية تقدم الأطفال والمراهقين في التفكير مع نضوجهم وتجارب حياتهم، وذلك من خلال عدة مراحل:
- المرحلة الحسية: تمتد منذ ولادة الطفل وحتى حوالي 1-2 سنة، حيث تتطور لدى الطفل عمليات الذكاء. في السنة الأولى، يبدأ الرضيع في تقدير قيمة الأشياء من خلال إمكانياته في تفاعلها مثل الفتح والدفع. بينما في السنة الثانية، يبدأ في تكوين مخططات لأفعاله مثل كيفية الوصول إلى شيء ما.
- مرحلة التفكير المنطقي: تمتد من 2-3 سنوات حتى 7 سنوات، حيث يبدأ الطفل في التعرف على العناصر المختلفة، ويقوم بتصنيفها واتخاذ قرارات تعتمد على الإشارات الحسية.
- المرحلة التنفيذية: تمتد من 7-8 سنوات حتى 12-14 سنة، حيث يرتبط تفكير الطفل بقدرته على التلاعب بالأشياء وصناعة أشكال بيديه، مثل تشكيل الصلصال، ويلاحظ الطفل التغييرات التي تطرأ على المواد التي يتعامل معها.
مساهمات جان بياجيه في علم النفس
لم تقتصر مساهمات بياجيه على ما سبق، بل اتسعت أعماله لتشمل مجالات علم النفس وعلم الاجتماع. كتب برينرد ورينا حول تأثيره في علم النفس، مشيرين إلى إسهاماته العميقة في مجالات متنوعة مثل فلسفة العلوم واللغويات والتعليم وعلم الاجتماع وعلم الأحياء التطوري.
خلال أبحاثه حول التطور المعرفي، استند إلى دراسات متعمقة حول سلوكيات الأطفال، حيث قام بمراقبتهم وتقييم حركاتهم الجسدية والإجراءات اللازمة لتلبية احتياجاتهم. توصل إلى أن الأطفال الأصغر سناً كانوا أكثر انحيازاً للحلول الحدسية، بينما طوّروا ردودًا اجتماعية أكثر نضجًا مع تقدمهم في العمر. استخدم بياجيه مفهوم “المخططات” التي تساعد الأطفال على تنظيم المعلومات وفهم بيئتهم المحيطة، والتي تضم أنماط السلوك التي تتكيف وفقًا لتجاربهم، والمخططات الرمزية التي تشمل الرموز الذهنية.
وفاة جان بياجيه وإرثه
توفي جان بياجيه في 16 سبتمبر 1980 في جنيف عن عمر ناهز 84 عامًا، وكانت وفاته لأسباب غير معلومة. خلال حياته، حصل على درجات فخرية وأوسمة متعددة، وساهم بإنتاج العديد من الكتب والمقالات. تمتع بشغف كبير للمعرفة، وحصل على درجات فخرية من جامعتين مرموقتين، أكسفورد وهارفارد. شارك في مؤتمرات متعددة تتعلق بتطوير الطفولة والتعليم، وكان يستيقظ يوميًا في الساعة الرابعة صباحًا لكتابة مسودات لأعماله، التي تُعَدّ قبل طرحها في محاضراته. كان يمضي أوقات فراغه في التفكير وممارسة القراءة، كما استمتع بقضاء عطلاته في جبال الألب، حيث ألّف العديد من الأعمال الأدبية.
- ↑ “جان بياجيه”، بريتانيكا. تم استرجاعه في 27/6/2021.
- ^ أ ب Kendra Cherry (15/4/2020)، “سيرة جان بياجيه (1896-1980)”، فيريويل مايند. تم استرجاعه في 27/6/2021.
- ^ أ ب ت ث “سيرة جان بياجيه”، نوتابل بيوغرافيات. تم استرجاعه في 27/6/2021.
- ↑ “مراحل التطور المعرفي لدى جان بياجيه”، ستادي. تم استرجاعه في 27/6/2021.
- ↑ “جان بياجيه (1896-1980)”، جود ثيرابي. تم استرجاعه في 27/6/2021.
- ↑ “جان بياجيه”، سيرة، 2/4/2014. تم استرجاعه في 27/6/2021.