الحياة الاجتماعية في العصر الأموي
شهد عصر بني أمية تحولاً جذريًا في الحياة الاجتماعية، حيث امتدت الفتوحات الإسلامية من أقصى الشرق في الصين إلى أقصى الغرب في فرنسا، مما ساهم في دخول شعوب جديدة إلى الإسلام. وقد أتاح هذا الاتساع استغلال الموارد الثقافية والطبيعية للدول المفتوحة، مما أدى إلى ظهور حياة اجتماعية متنوعة وغنية. يمكننا تقسيم مظاهر الحياة الاجتماعية في تلك الفترة إلى أربعة أجزاء رئيسية على النحو التالي:
الشعر
هناك عدة أنواع من الشعر برزت في العصر الأموي، ومن أبرزها:
- شعر المديح: كان الشعر يلعب دورًا محوريًا في ذلك الوقت، حيث انتشر مدح الأمراء والسلاطين بشكل لافت. استخدم الشعراء هذا الفن لرفع مكانتهم، حيث أصبح مدح السلاطين مصدرًا مهمًا للرزق، وكأنه لم يعد للشعراء اهتمام إلا بمدح الأسياد.
- شعر الذم: تصاعد الهجاء في هذه الفترة، إذ عادت العصبية القبلية لتشتعل بين مختلف القبائل. كان الشعراء يتبارون في معارك شعرية، مما أسفر عن نزاعات شديدة بين القبائل، حيث كانت كل قبيلة تطمح للتفوق على الأخرى.
- شعر النقائض: عقب تصاعد الهجاء، ظهر شكل جديد من الشعر يعرف بشعر النقائض، حيث يتبارز شاعر بقصيدة، ويأتي شاعر آخر للرد بنفس الوزن والقافية. كان من أبرز هؤلاء الشعراء جرير والفرزدق، الذين خاضوا صراعات شعرية استمرت لأكثر من 45 عامًا.
الخطابة
شهدت فنون الخطابة ازدهارًا كبيرًا في عصر بني أمية، نتيجة لعوامل متعددة، منها الصراع السياسي لإثبات أحقية الخلافة. كانت كل جماعة تنافس الأخرى بالصوت والسيف، مما دفعها إلى تحسين فن الخطابة. اشتملت الخطابة على أنواع عدة، بما في ذلك الخطب السياسية التي تم تبادلها بين الولاة والأطراف المتنازعة، وكان من أبرز الخطباء في ذلك الوقت الحجاج وزياد بن أبيه.
الكتابة
لم تكن العرب في فترة الجاهلية ملمة بفن الكتابة والقراءة، إلا أن دخول الشعوب الأعجمية في الإسلام جعلهم مهتمين بتعلم هذه المهارات. أدت هذه الحاجة إلى تدوين الأخبار والأنساب، مما كان له وقع كبير على التراث العربي، حيث ظهر العديد من العلماء في هذا المجال. وقد أسس الناس حلقات علمية، حيث كان الطلاب يدونون العلم بخط أيديهم، وقد ألف الكثير من العلماء كتبًا ومصنفات في مجالات متنوعة.
المجالس
تعددت المجالس في عصر بني أمية، ومن أهمها:
- مجالس الولاة: كان زياد بن أبيه يعقد العديد من مجالس السمر، حيث يجمع الأدباء والنبلاء حوله للاستماع إلى آرائهم وأفكارهم.
- مجالس العامة: تنوعت أماكن تجمع العامة، فتواجدت بعضها في المساجد، بينما كانت أخرى تقام عند القصاصين. كما كانت هناك مجالس في الحانات والأديرة.