تميز تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين بالعدل، حيث كان يضمن حقوقهم، ويمنع أي مسلم من الظلم تجاههم، ويقضي بينهم إذا كانوا أصحاب حق.
وقد أكد على وجوب احترام المعاهدات معهم، حيث كان النبي ينهي أصدقائه من التعرض لأصحاب الصوامع، كما أوصى قادة الجيوش في الحروب بعدم إيذاء من يعبدون في صوامعهم.
نهج الرسول في التعامل مع غير المسلمين
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم هادياً للبشرية جمعاء، مسلمين وغير مسلمين، وقد أوضح أنه لا إكراه في الدين.
- رغم كون الإسلام هو الدين الحق، إلا أن الله ورسوله لم يجبروا أحدًا على اعتناقه، حيث قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).
- سمح الإسلام لغير المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية بحرية، مع توفير الحماية لدور عبادتهم.
- قدم الرسول صلى الله عليه وسلم أمثلة رائعة في التعامل مع غير المسلمين، حيث تبرز الأحاديث كثيرًا الذنب الذي يحل بالمسلم إذا تعدى على غيرة المسلم.
- وقد منحهم الحرية في اعتناق ديانتهم، حيث قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
- تشير هذه الآية إلى تكريم الله -عز وجل- لجميع البشر بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون أو الدين.
تفاعل الرسول مع اليهود
- وضعت الشريعة الإسلامية حقوقاً وحدودًا تكفل تنظيم العلاقات مع غير المسلمين، صوناً لكرامتهم الإنسانية.
- جميع الناس هم من أصل واحد، لذا فلا يحق لأحد أن ينظر إلى غير المسلمين بعين الحقد أو يسئ معاملتهم.
- هناك العديد من الأمثلة على تعامل الرسول الحسن مع غير المسلمين، مثلما مر ذات يوم بجانب أسير فناداه، وعندما اخبره الأسير بأنه جائع وعطشان، أمر النبي الصحابة بإطعامه وسقايته.
- كما بين إكرامه لغير المسلمين أثناء موتهم، فقد مر بجنازة يهودي فوقف لها، وعندما قيل له إنها ليهودي، رد: “أليست نفساً؟”
- على الرغم من قلقه على مصيرهم، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يجبر أحدًا منهم على اعتناق الإسلام، تاركًا لهم حرية الاختيار، حيث قال الله تعالى: (فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَلْيَكفُر).
- تميزت علاقته مع غير المسلمين بالسلام والمحبة، وكان من أمثلة ذلك تعامله مع غلام يهودي، والذي روى عنه الإمام البخاري قائلاً:
- (كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فذهب النبي يعوده، فقال له “أسلم”، فنظر الغلام إلى أبيه فقال “أطع أبا القاسم”، فأسلم، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول “الحمد لله الذي أنقذه من النار”.)
تعامل الرسول مع الأطفال
- أولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية لطفل غير المسلم، وخاصة الأطفال المرضى، داعياً لهم بالخير، مع عدم تكليفهم بأعباء مالية أو ضريبية، وتركهم يختارون عقيدتهم بحرية.
- رُبِط منهج الإسلام بالحوار والإقناع، ورعاية الأطفال غير المسلمين في الحروب، حيث لم يُسمح بالتعرض لهم.
- وروي في صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أن الرسول كان إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه “ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا”.
تعامل الرسول مع غير المسلمين في الحرب
- في سياق الحرب، أوصى الرسول بعدم الغدر، أو قتل الأطفال أو الشيوخ أو النساء من الأعداء غير المسلمين.
- ورد عن الصحابة أنه لم يكن يقتل الأطفال حتى أثناء المعارك، مما يبرز حرص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على حياة الأطفال، وهو نفس الحرص الذي أظهره الصحابة من بعده.
- قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا تضربوا الجزية على النساء ولا على الأطفال”.
- تظهر رحمة الرسول تجاه الأطفال الموهوبين، حتى الأولاد غير المسلمين، في قصة الفتى أبو محذورة:
- كان له صوت جميل وكان يسخر من أذان المسلمين، ورغم ذلك لم يعاقبه النبي بل مسح على رأسه وقال: “اللهم بارك فيه واهده إلى الإسلام”، حتى أصبح مؤذناً بمكة.
- كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقوم بغرس حب الرحمة في قلوب المسلمين تجاه الأطفال غير المسلمين، حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه: “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصراه أو يمجسانه”.
- كما قال: “رفع القلم عن ثلاثة، ومنهم الصبي حتى يبلغ الحلم”.
تعامل الرسول والصحابة مع غير المسلمين
- أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالسماحة في التعامل مع غير المسلمين، حيث قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
- تجلى حسن المعاملة أيضًا في تعامل الصحابة، كما يظهر في موقف أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها عندما جاءتها أمها المشركة، فقالت النبي صلى الله عليه وسلم: “أأصلها؟”، فقال: “نعم، صلي أمك”.
- وضع الرسول الأطر القانونية لحرية العمل والتجارة لغير المسلمين، حيث يحق لهم العمل في المهن التي يختارونها، ولهم الحقوق في البيع والشراء، باستثناء الربا وبعض الأنشطة الضارة.
- لم يسعَ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى انتزاع حرية غير المسلمين، بل عُرف عن تسامحه ورحمته، مؤكداً أنه لا إكراه في الدين، حيث قال تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).
- نهى الناس عن إجبار أي شخص على دخول الإسلام، حيث قال عز وجل: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).