الآيات التي تحرم الخمر
حرّم الله -سبحانه وتعالى- الخمر على المسلمين بشكل تدريجي، وذلك نظرًا لارتباطهم به قبل الإسلام. فقد بدأت عملية التحريم بمرور الزمن حتى الوصول إلى الحكم النهائي بتحريمه بصورة قطعية. وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد هذا التحريم، وقد اتفق العلماء على ذلك. فيما يلي، نستعرض الآيات التي توضح تحريم الخمر بالتدريج:
شرب الخمر كإثم
أول آية نزلت تشير إلى الخمر جاءت بعد غزوة أحد، حيث قال الله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا). وعندما نزلت هذه الآية، تخلى بعض المسلمين عن شرب الخمر وابتعدوا عنها، بينما استمر آخرون في تناولها.
توضح هذه الآية الكريمة أن الخمر والميسر يحملان وزرًا كبيرًا، رغم ما قد يأتي منهما من منافع كرغبة الفرح واللهو، بالإضافة إلى اكتساب المال من تجارة الخمر أو القمار دون عناء. ولكن، وزر هذين الأمرين أكبر بكثير من منافعهما، وقوله: (يَسْأَلُونَكَ) في الآية يشير إلى سؤالهم عن جواز استخدامهما وليس عن جوهرهما.
حرمة الصلاة في حال السكر
بعد بيان ما في الخمر من إثم، أنزل الله -تعالى- في كتابه العزيز: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ). في هذه الآية، نهى الله المسلمين عن أداء الصلاة في حالة السكر حتى يتضح لهم ما يقولونه ويؤدون صلاتهم بخشوع.
بعد نزول هذه الآية، بدأ بعض المسلمين في الامتناع عن شرب الخمر أثناء أوقات الصلاة، بينما شربه الآخرون بعد صلاة العشاء، ووصل بعضهم إلى قرار بتجنب الخمر نهائيًا حتى لا يؤثر سلبًا على صلاتهم.
تحريم الخمر بشكل قطعي
قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). تبرز هذه الآية الكريمة حقيقة كون الخمر والميسر والأصنام والأزلام تدل على الرجس ونجاسة، حيث إن من يدفع لها هو الشيطان.
هنا، يشير الميسر إلى القمار والأصنام تشير إلى الأوثان التي يجري عبادتها، بينما الأزلام تعني القداح. ومن خلال هذه الآية، يتضح التحريم القطعي للخمر من عدة جوانب، منها ارتباطه بعبادة الأوثان وكونه خبيثًا غير مقبول، ويؤمر المسلمون بالابتعاد عنه لأجل تحسين حياتهم.
كما يوضح -سبحانه وتعالى- أن الخمر سبب ينشر العداوة والمنازعات بين المسلمين، ويصدهم عن ذكر الله، مُبرزًا الصلاة لأهميتها ومكانتها. وكأنه يقول: إن الخمر يصرف عن ذكره وعن الصلاة بشكل خاص. وتنتهي الآية بالسؤال: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)؛ وهذا استفسار بليغ يعكس دعوة للتوقف عن شرب الخمر، فبعد تبين المضار، هل ستنتهون عن هذا الفعل أم ستبقون عليه؟